VIV Asia
الاستدامةمقالات عامة

الزراعة المستدامة في المملكة العربية السعودية

الزراعة والتنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية هما ركيزتان أساسيتان للإقتصاد السعودي. تلعب الزراعة دورًا مهمّاً في توفير الأمن الغذائي للمملكة، وتساهم التنمية المستدامة في الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان مستقبل مستدام للمملكة.

تواجه المملكة العربية السعودية تحدّيات بيئية واقتصادية تتطلّب نهجًا شاملاً للتنمية الزراعية المستدامة. تتمثّل بعض هذه التحديات في:

  • ندرة المياه: تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل كبير على المياه الجوفية لتلبية احتياجاتها الزراعية. ومع ذلك، فإنّ المياه الجوفية غير متجدّدة، ممّا يتطلّب إدارة مستدامة للمياه.
  • التغيّرات المناخية: من المتوقّع أن تؤدّي التغيّرات المناخية إلى المزيد من الجفاف والتغيّرات في أنماط هطول الأمطار. سيؤدّي ذلك إلى ضغوط إضافية على الموارد المائية والأراضي الزراعية.
  • النمو السكاني: من المتوقّع أن ينمو عدد سكان المملكة العربية السعودية إلى ما يقارب 40 مليون نسمة بحلول عام 2030. سيؤدّي ذلك إلى زيادة الطلب على الغذاء، ممّا يتطلّب زيادة الإنتاج الزراعي.

تركّز الحكومة السعودية على تطوير قطاع الزراعة المستدامة للتغلّب على هذه التحدّيات. تتضمّن بعض المبادرات الرئيسية التي تتخذها الحكومة ما يلي:

  • الإستثمار في تقنّيات الري الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه.
  • تطوير أصناف المحاصيل التي تتحمّل الجفاف وتغيّر المناخ.
  • زيادة الإستثمار في البحث والتطوير الزراعي.
  • دعم صغار المزارعين.

لقد حقّقت المملكة العربية السعودية بالفعل بعض النجاحات في مجال التنمية الزراعية المستدامة. على سبيل المثال، انخفضت كمية المياه المستخدمة في الزراعة بنسبة 20% منذ عام 2015. كما زاد إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة والشعير.

ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعيّن القيام به لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة بشكل كامل. ستتطلّب الجهود المستمرة من الحكومة والمزارعين والمجتمع المدني لضمان مستقبل مستدام للزراعة في المملكة العربية السعودية.

الري الحديث لتحسين كفاءة استخدام المياه بالسعودية

الإستثمار في تقنّيات الريّ الحديثة هو أحد أهم السبل لتحسين كفاءة استخدام المياه في المملكة العربية السعودية. حيث تعتمد المملكة على المياه الجوفية بشكل أساسي في ريّ المحاصيل الزراعية، ممّا يشكّل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية، خاصة في ظلّ الزيادة السكانية والتغيّرات المناخية.

تتمثّل تقنّيات الريّ الحديثة في استخدام أساليب الري التي تؤدّي إلى تقليل كمّيات المياه المستخدمة دون المساس بالإنتاجية الزراعية. ومن أهمّ هذه التقنيات:

  • الريّ بالتنقيط: وهو أسلوب ري يتمّ فيه توصيل المياه مباشرة إلى جذور النباتات، ممّا يقلّل من فقدان المياه بسبب التبخّر.
  • الريّ بالرشّ المحوري: وهو أسلوب ريّ يتمّ فيه توجيه المياه عبر أنابيب طويلة، ممّا يسمح بتوزيع المياه بالتساوي على مساحة كبيرة.
  • الري بالرش المحوري الموجّه: وهو أسلوب ريّ مشابه لأسلوب الريّ بالرش المحوري، ولكن يتمّ توجيه المياه إلى اتجاهات محدّدة، ممّا يقلّل من فقدان المياه بسبب التبخّر.

تشير الدراسات إلى أنّ استخدام تقنّيات الريّ الحديثة يمكن أن يؤدّي إلى زيادة كفاءة استخدام المياه بنسبة تصل إلى 50%. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدّي استخدام الري بالتنقيط إلى تقليل كميات المياه المستخدمة بنسبة تصل إلى 70%، مقارنة بأسلوب الريّ بالغمر.

وتعمل المملكة العربية السعودية على تشجيع الإستثمار في تقنّيات الريّ الحديثة من خلال تقديم الدعم المالي والمؤسسي للمزارعين. كما تقوم المملكة بتنفيذ العديد من المشاريع لإنشاء شبكات الريّ الحديثة في مختلف مناطق المملكة.

ومن المتوقّع أن يؤدّي الإستثمار في تقنّيات الريّ الحديثة إلى تحقيق العديد من الفوائد للمملكة، منها:

  • الحفاظ على الموارد المائية.
  • زيادة الإنتاجية الزراعية.
  • الحد من التلوّث البيئي.
  • توفير فرص العمل.

ولذلك، فإنّ الاستثمار في تقنّيات الريّ الحديثة يعدّ من أهمّ الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق الأمن المائي في المملكة العربية السعودية.

أصناف المحاصيل السعودية المقاومة للجفافتواجه المملكة العربية السعودية تحديات كبيرة في مجال الأمن الغذائي، حيث تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الغذاء. وتُعد تغيرات المناخ أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في المملكة، حيث تؤدي إلى انخفاض معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مما يؤثر سلبًا على الإنتاجية الزراعية.

وفي هذا الصدد، أطلقت المملكة العربية السعودية عددًا من المبادرات الهادفة إلى تطوير أصناف المحاصيل التي تتحمل الجفاف وتغير المناخ. ومن أبرز هذه المبادرات:

  • مشروع تطوير أصناف القمح المقاومة للجفاف وتغير المناخ، والذي يهدف إلى إنتاج أصناف من القمح تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وقلة المياه.
  • مشروع تطوير أصناف الذرة المقاومة للجفاف وتغير المناخ، والذي يهدف إلى إنتاج أصناف من الذرة تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وقلة المياه.
  • مشروع تطوير أصناف الشعير المقاومة للجفاف وتغير المناخ، والذي يهدف إلى إنتاج أصناف من الشعير تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وقلة المياه.

وتقوم هذه المبادرات على استخدام تقنيات الهندسة الوراثية لتعديل الجينات المسؤولة عن تحمل الجفاف وتغير المناخ. وقد حققت هذه المبادرات نجاحًا ملحوظًا، حيث تم إنتاج أصناف من المحاصيل تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وقلة المياه بشكل أفضل من الأصناف التقليدية.

ومن المتوقع أن تساهم هذه الأصناف الجديدة في زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية.

وفي ما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز جهود تطوير أصناف المحاصيل التي تتحمل الجفاف وتغير المناخ بالسعودية:

  • زيادة الاستثمار في الأبحاث الزراعية، بهدف تطوير أصناف جديدة من المحاصيل تتحمل الظروف المناخية القاسية.
  • التعاون مع المؤسسات البحثية الدولية، بهدف الاستفادة من الخبرات والتقنيات الحديثة في مجال تطوير الأصناف الزراعية.
  • دعم المزارعين في استخدام الأصناف الجديدة، وذلك من خلال توفير الحوافز المالية والفنية اللازمة.

وإن تحقيق هذه الخطوات سيساعد على تعزيز الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي بالسعودية

تدرك المملكة العربية السعودية أن البحث والتطوير الزراعي أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز النمو الاقتصادي. في عام 2022، أعلنت الحكومة السعودية عن خطة لزيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي بنسبة 50% بحلول عام 2025.

تهدف هذه الخطة إلى دعم تطوير تقنيات زراعية جديدة ومبتكرة، بما في ذلك:

  • أصناف المحاصيل المحسنة التي تتحمل الجفاف وتغير المناخ.
  • أساليب الريّ الحديثة التي تقلّل من استهلاك المياه.
  • تقنيات الاستزراع المائي التي تزيد من إنتاجية الأسماك والروبيان.

من المتوقع أن تؤدّي هذه الاستثمارات إلى زيادة الإنتاجية الزراعية في المملكة العربية السعودية، وتحسين الأمن الغذائي، وخلق فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي.

أبحاث زراعية في المملكة العربية السعودية

فوائد زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي

تتمتع زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي بالعديد من الفوائد، بما في ذلك:

  • زيادة الإنتاجية الزراعية:  يمكن أن تؤدّي الأبحاث الزراعية إلى تطوير تقنّيات جديدة تزيد من إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية.
  • تحسين الأمن الغذائي:  يمكن أن تساعد الأبحاث الزراعية في تطوير أصناف المحاصيل المحسنة التي تتحمل الجفاف وتغيّر المناخ، ممّا يساعد على ضمان الأمن الغذائي في المستقبل.
  • خلق فرص عمل جديدة:  يمكن أن تؤدي الأبحاث الزراعية إلى إنشاء فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي، مثل الوظائف في مجال التكنولوجيا الزراعية والهندسة الزراعية.

التحديات التي تواجه زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي

هناك بعض التحديات التي تواجه زيادة الاستثمار في البحث والتطوير الزراعي، بما في ذلك:

  • ارتفاع تكلفة البحث والتطوير:  يمكن أن يكون البحث والتطوير الزراعي مكلفًا، ممّا يحدّ من عدد البلدان التي يمكنها الإستثمار فيه.
  • فترة الإنتظار الطويلة للنتائج:  يمكن أن يستغرق البحث والتطوير الزراعي سنوات عديدة قبل أن تؤدّي إلى نتائج ملموسة.
  • صعوبة نقل التكنولوجيا:  يمكن أن يكون من الصعب نقل التكنولوجيا الزراعية الناجحة من بلد إلى آخر.

 

دعم صغار المزارعين بالسعودية

تحرص المملكة العربية السعودية على دعم صغار المزارعين، باعتبارهم ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، ومساهمين رئيسيين في تحقيق الأمن الغذائي. وقد أطلقت الحكومة السعودية العديد من المبادرات والبرامج لدعم صغار المزارعين، ومنها:

أولا: برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة (ريف)، والذي يهدف إلى تحسين القطاع الزراعي الريفي، ورفع مستوى معيشة صغار المزارعين، وزيادة الكفاءة والإنتاجية، وتحسين نمط الحياة. ويستهدف البرنامج عدداً من القطاعات الواعدة للمنتجين الزراعيين، وذلك من خلال إطلاق 8 برنامج فرعية لكل قطاع تشمل:

  • تطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق “البن العربي”.
  • تطوير تربية النحل وإنتاج العسل.
  • تنمية قطاع زراعة وتجارة الورد.
  • تطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق الفاكهة (الرمان، التين، العنب).
  • تعزيز قدرات صغار الصيادين ومستزرعي الأسماك.
  • تطوير قطاع صغار مربي الماشية.
  • تطوير زراعة المحاصيل البعلية (الذرة الرفيعة، السمسم، والدخن).
  • بالإضافة إلى تطوير القيمة المضافة من الحيازات الصغيرة والأنشطة الريفية الزراعية التقليدية.

ثانيا: برنامج دعم صغار مربي الماشية، والذي يهدف إلى دعم صغار مربي المواشي، وتحسين إنتاجيتهم، ورفع مستوى معيشتهم. ويستهدف البرنامج صغار مربي المواشي الذين لا تتجاوز مساحة مزرعتهم 50 دونم، وعدد المواشي المنتجة (المثمرة) لديهم لا يتجاوز 500 رأس.

ثالثا: برنامج دعم زراعة النخيل، والذي يهدف إلى دعم صغار مزارعي النخيل، وتحسين إنتاجيتهم، ورفع مستوى معيشتهم. ويستهدف البرنامج صغار مزارعي النخيل الذين لا تتجاوز مساحة مزرعتهم 50 دونم، وعدد النخيل المنتجة (المثمرة) لديهم لا يتجاوز 500 نخلة.

ونهدف هذه المبادرات والبرامج إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:

  • زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، وتحقيق الأمن الغذائي.
  • تحسين مستوى معيشة صغار المزارعين، ورفع مستوى رفاهيتهم.
  • دعم التوسع في الزراعة المستدامة، وحماية البيئة.
  • تعزيز القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، وزيادة تنافسيتها في الأسواق المحلية والعالمية.

وقد أسفرت هذه المبادرات والبرامج عن نتائج إيجابية، حيث ساهمت في زيادة الإنتاج الزراعي المحلي، ورفع مستوى معيشة صغار المزارعين، وتعزيز القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.

تدرك المملكة العربية السعودية أنّ البحث والتطوير الزراعي أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهدافها في الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي. من خلال زيادة الاستثمار في هذا المجال، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تصبح رائدة في التكنولوجيا الزراعية وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي.

إعداد: م. محمود سلامة الهايشة

مصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Message Us on WhatsApp